عاشق مجنونة مدير المنتدى
عدد المساهمات : 975 نقاط : 17670 العمر : 33
| موضوع: لاتحزن الثلاثاء فبراير 09, 2010 11:26 pm | |
| لا تحزن
إن كنتَ فقيراً فغيرُك محبوسٌ في دَيْنٍ ، وإن كنت لا تملكُ وسيلةَ نَقْلٍ ، فسواك مبتورُ القدمين ، وإن كنت تشكو من آلامٍ فالآخرون يرقدون على الأسِرَّة البيضاءِ ومنذ سنواتٍ ، وإن فقدتَ ولداً فسواك فقد عدداً من الأولادِ في حادثٍ واحدٍ . لا تحزَنْ
لأنك مسلمٌ آمنتَ باللهِ وبرسلِهِ وملائكتِهِ واليومِ الآخرِ وبالقضاءِ خيرِهِ وشرِّه ، وأولئكَ كفروا بالربِّ وكذَّبوا الرسلَ واختلفوا في الكتابِ ، وجَحَدُوا اليومَ الآخرَ ، وألحدوا في القضاءِ والقَدَرِ .
لا تحزَنْ
إن أذنبتَ فتُبْ ، وإن أسأت فاستغفرْ ، وإن أخطأت فأصلِحْ ، فالرحمةُ واسعةٌ ، والبابُ مفتوحٌ ، والتوبةُ مقبولةٌ . لا تحزَنْ
لأنك تُقلقُ أعصابَك ، وتهزُّ كيانك وتُتعبُ قلبَك ، وتُقضّ مضجعَك ، وتُسْهِرْ ليلَك . قال الشاعر :
وَلَرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى
ذَرْعاً وعندَ اللهِ منها المخرَجُ
ضاقتْ فلمَّا استحكمتْ حلقاتُها
فُرِجَتْ وكانَ يظنُّها لا تُفرجُ
لا تحزنْ
لأنَّ القضاءَ مفروغٌ منهُ ، والمقدورُ واقعٌ ، والأقلامُ جَفَّتْ ، والصحفُ طُويتْ ، وكلُّ أمرٍ مستقرٌّ ، فحزنُك لا يقدِّمُ في الواقعِ شيئاً ولا يؤخِّرُ ، ولا يزيدُ ولا يُنقِصُ .
لا تحزنْ
لأنك بحزنِك تريدُ إيقافَ الزمنِ، وحبسَ الشمسِ، وإعادةَ عقاربِ الساعةِ، والمشيَ إلى الخلفِ، وردَّ النهرِ إلى منبعِهِ. لا تحزنْ
لأنَّ الحزَنَ كالريحِ الهوْجاءِ تُفسدُ الهواءَ، وتُبعثرُ الماءَ، وتغيِّرُ السماءَ، وتكسرُ الورودَ اليانعة في الحديقةِ الغنَّاءِ. لا تحزنْ
لأنَّ المحزون كالنهرِ الأحمقِ ينحدرُ من البحرِ ويصبُّ في البحرِ ، وكالتي نقضتْ غزلها من بعدِ قوةٍ أنكاثاً ، وكالنافِخِ في قربةٍ مثقوبةٍ ، والكاتبِ بإصبعهِ على الماءِ .
لا تحزنْ
فإنَّ عمركَ الحقيقيَّ سعادتُك وراحةُ بالِك ، فلا تُنفقْ أيامكَ في الحزْنِ ، وتبذِّرْ لياليَك في الهمِّ ، وتوزِّع ساعاتِك على الغمومِ ولا تسرفْ في إضاعةِ حياتِك ، فإنَّ الله لا يحبُّ المسرفين .
لا تحزنْ
فإنَّ أموالك التي في خزانتِك وقصورَك السامقةَ ، وبساتينَك الخضراءَ ، مع الحزنِ والأسى واليأسِ : زيادةٌ في أسَفِكَ وهمِّكَ وغمِّكَ .
لا تحزنْ
وأنت تملكُ الدعاءَ ، وتُجيدُ الانطراح على عتباتِ الربوبيةِ ، وتُحسنُ المسكنة على أبواب ملِكِ الملوكِ ، ومعكَ الثلثُ الأخيرُ من الليلِ ، ولديكَ ساعةُ تمريغ الجبينِ في السجودِ . لا تحزنْ
فإنَّ الله خَلَقَ لكَ الأرض وما فيها، وأنبت لك حدائقَ ذاتَ بهجةٍ، وبساتين فيها من كلِّ زوجٍ بهيجٍ، ونخلاً باسقاتٍ له طلعٌ نضيدٌ، ونجوماً لامعاتٍ، وخمائل وجداول، ولكنَّك تحزن !!
لا تحزنْ
فأنت تشربُ الماء الزلال، وتستنشقُ الهواء الطَّلْق، وتمشي على قدميْك معافى، وتنام ليلكَ آمناً. لا تحزنْ
فإنَّ المرضَ يزولُ، والمصابَ يحولُ، والذنبَ يُغفرُ، والدَّيْنَ يُقضى، والمحبوسَ يُفكُّ، والغائبَ يقدمُ، والعاصي يتوبُ، والفقيرَ يغتني. لا تحزنْ
أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشعُ ، والليل البهيم كيف ينجلي ، والريح الصَّرْصَرَ كيف تسكنُ ، والعاصفة كيف تهدأ ؟! إذاً فشدائدُك إلى رخاء ، وعيشُك إلى هناء ، ومستقبلُك إلى نَعْماءِ .
لا تحزنْ
لهيبُ الشمس يطفئُهُ وارفُ الظلِّ ، وظمأُ الهاجرةِ يُبردُه الماءُ النميرُ ، وعَضَّةٌ الجوعِ يُسكِّنُها الخُبْزُ الدافِئُ ، ومعاناةُ السهرِ يعقبُهُ نومٌ لذيذٌ ، وآلامُ المرضِ يُزَيُلها لذيذُ العافيةِ ، فما عليك إلا الصبرُ قليلاً والانتظارُ لحظةً . لا تحزنْ
فقدْ حارِ الأطباءُ، وعَجَزَ الحكماءُ، ووقفَ العلماءُ، وتساءلَ الشعراء، وبارت الحيل أُمام نفاذِ القدرةِ، ووقوعِ القضاءِ، وحتميةِ المقدورِ قال عليُّ بنُ جبلةَ :
عسى فرجٌ يكونُ عسى
نعلّلُ نفسنا بعسى
فلا تقنط وإن لاقيْـ
ـت همّاً يقبضُ النَّفسَا
فأقربُ ما يكونُ المرْ
ءُ مِنْ فرجٍ إذا يئسِا
﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ : إذا اضطرب البحرُ ، وهاج الموجُ ، وهبَّتِ الريحُ ، نادى أصحابُ السفينةِ : يا الله. إذا ضلَّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن الطريقِ، وحارتِ القافلةُ في السيرِ، نادوا: يا الله. إذا وقعت المصيبةُ ، وحلّتِ النكبةُ وجثمتِ الكارثةُ ، نادى المصابُ المنكوبُ : يا الله. إذا أُوصدتِ الأبوابُ أمام الطالبين ، وأُسدِلتِ الستورُ في وجوهِ السائلين ، صاحوا : يا الله . إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبُلُ وانتهتِ الآمالُ وتقطَّعتِ الحبالُ ، نادوا : يا الله. إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ ، فاهتفْ: يا الله. إليه يصعدُ الكلِمُ الطيبُ ، والدعاءُ الخالصُ ، والهاتفُ الصَّادقُ ، والدَّمعُ البريءُ ، والتفجُّع الوالِهُ . إليه تُمدُّ الأكُفُّ في الأسْحارِ ، والأيادي في الحاجات ، والأعينُ في الملمَّاتِ ، والأسئلةُ في الحوادث. باسمهِ تشدو الألسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي،وبذكرهِ تطمئنُّ القلوبُ وتسكنُ الأرواحُ ، وتهدأُ المشاعر وتبردُ الأعصابُ ، ويثوبُ الرُّشْدُ ، ويستقرُّ اليقينُ، ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾
الله : أحسنُ الأسماءِ وأجملُ الحروفِ، وأصدقُ العباراتِ، وأثمنُ الكلماتِ، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! . اللهُ : فإذا الغنى والبقاءُ، والقوةُ والنُّصرةُ، والعزُّ والقدرةُ والحِكْمَةُ، ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ . الله : فإذا اللطفُ والعنايةُ، والغوْثُ والمددُ، والوُدُّ والإحسان، ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ . الله: ذو الجلالِ والعظمةِ، والهيبةِ والجبروتِ.
اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة ، وجزاء الحزنِ سروراً ، وعند الخوفِ أمنْاً. اللهم أبردْ لاعِج القلبِ بثلجِ اليقينِ ، وأطفئْ جمْر الأرواحِ بماءِ الإيمانِ . يا ربُّ، ألق على العيونِ السَّاهرةِ نُعاساً أمنةً منك، وعلى النفوسِ المضْطربةِ سكينة، وأثبْها فتحاً قريباً. يا ربُّ أهد حيارى البصائرْ إلى نورِكْ، وضُلاَّل المناهجِ إلى صراطكْ، والزائغين عن السبيل إلى هداك.
اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور، وأزهقْ باطل الضَّمائرِ بفيْلقٍ من الحقِّ، وردَّ كيد الشيطانِ بمددٍ من جنودِ عوْنِك مُسوِّمين. اللهم أذهبْ عنَّا الحزن، وأزلْ عنا الهمَّ، واطردْ من نفوسنِا القلق. نعوذُ بك من الخوْفِ إلا منْك، والركونِ إلا إليك، والتوكلِ إلا عليك، والسؤالِ إلا منك، والاستعانِة إلا بك، أنت وليُّنا، نعم المولى ونعم النصير. لا تحرموني من ردودكم | |
|