عاشق مجنونة مدير المنتدى
عدد المساهمات : 975 نقاط : 17670 العمر : 33
| موضوع: عظمة التقوى الثلاثاء فبراير 09, 2010 3:09 pm | |
| الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، خلق الخير والشر وقدَّرهما، فكل شىء يجري في هذا الوجود فهو بتقدير الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبد الله ورسوله أكرم خلق الله، وأجمل خلق الله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون. يقول الله عز وجل في القرءان الكريم {إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم} ويقولُ جل شأنه: {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتُنّ إلا وأنتم مسلمون} وقال عليه الصلاة والسلام :"إنَّ أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا" رواه ابن حبان. في هذا الحديث يبين لنا الرسول عليه الصلاة والسلام أنَّ أقرب الناس إليه وأحبهم إليه هم المؤمنين الذين يتقون الله، يؤدّون الواجبات ويجتنبون المحرمات، الرسول قال عنهم إنهم أولى الناس به من كانوا، أي من ألوان البشر كانوا، أي أنه لو كان التقي بعيدًا عن الرسول بالمسافة، إلا أنه قريب منه القرب المعنوي. وقد قال بعض الصحابة المشاهير رضي الله عنهم: "لا تقدّس الأرض أحدًا إنما يُقدس الرجل عمله" فالفضل عند الله بالتقوى، والتقي هو أكرم عباد الله على الله تعالى، وسيدنا محمد كان أكرم الخلق على الله لأنه أتقاهم لله وأخشاهم له. والتقوى منبعها القلب ثم يفيض أثرها على الجوارح، والقلب من الجسد بمثابة الملِك من الرعية، وإنما سّمي القلب قلبًا لشدة تقلبه، فالقلب أمير على البدن، أمير على الجوارح، كل الجوارح من اليدين والعينين واللسان والرجلين وغيرها، كلها تحت إمرة القلب، فإذا صلح القلب صلحت الجوارح، وإذا استقام القلب استقامت الجوارح؛ والرسول هو أفضل خلق الله لأنه أعظمهم خشية لله، فكان سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأكرم خلق الله، كذلك كل الأنبياء والملائكة يخشون الله ويتقونه مع إيمانهم به. وقد ورد في الحديث الشريف :"إتق الله حيثما كنت" رواه الترمذي. فعلى الإنسان أينما كان أن يتقي الله بأن يؤدي ما افترض الله عليه، ويجتنب ما حرّم الله عليه، فلو كان كذلك فهو بخير، وليس الشأن بقرب الديار من رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا بقرب النسب، إنما الشأن بكون الإنسان مؤمنًا تقيًّا يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات. وقد ورد أنَّ رجلاً قال لسيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه "نحن بخير ما أبقاك الله لنا"، فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: قل "نحن بخير ما اتقينا الله عزَّ وجلَّ". وقد قال بعضهم :"من كانت التقوى رأس ماله كلَّت الألسِنَةُ عن وصف ربحه". فتقوى الله ما جاورت قلب امرئ إلا وصل، وبالتقوى تَقوَى. والمتقون لهم المقامات العلى في جنات النعيم، حيث النعيم المقيم. والتقي من التزم بشرع الله، بالأوامرالإلهية، وقافًا عند حدود الشريعة لا يتعداها، ولا يتبع هواه، ولا ينجرف مع الشهوات المحرمة، بل يضبط نفسه ويجعل هواه تبعًا لما جاء به الرسول الأعظم، والذي يظن أنه يعيش في هذه الدنيا ليأكل ويشرب وينام ويجمع المال ويُشبع نفسه من الشهوات والمستلذات فهذا في غفلة كبيرة، والله تعالى يقول: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. أخي المسلم، لقد خلق الله البهائم ولم يكلفها بأداء شىء، ولا باجتناب شىء، بل خلقها لمنافع ابن ءادم ثم ليس عليها في الآخرة حساب. وكم من أناس يفتنون بالأموال والأزواج والأولاد وينشغلون بهم عن الواجبات، ولأجلهم يرتكبون المحرمات، كبعض التجار الغشاشين، والأزواج والآباء الذين يأكلون الربا أو يسرقون تلبيةً لطلبات أزواجهم أو أولادهم، وقد قال تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا إنَّ من أزواجكم وأولادكم عدّوًا لكم فاحذروهم}، وكم من نساء يتركن الصلاة من أجل أولادهن، وكم من أناس يتركون الصلاة في أوقاتها من أجل المال، فهؤلاء صارت أموالهم عدوًّا لهم، لأنها صرفتهم عن طاعة الله فكانت وبالاً وخسارة عليهم، وإنّ كثيرًا ممن يفتنون بالمال يموتون عنه قبل أن يستفيدوا منه، أو يتركوه لمن لا يحبون، وقد يقع المال في يد عدو كان أشد الناس بغضًا له. إذن لا شىء على الإطلاق يستحق أن يُعصى الله لأجله، حتى المآكل اللذيذة والملابس الفاخرة لا تستحق أن نعصي الله لأجلها، فإنّ هذه المآكل اللذيذة تخرج قذرًا، وقد كانت قبل برهة وجيزة شيئًا مشتهى، وهذا اللباس الفاخر كان شيئًا يشتهى قبل أن يبلى ويتقطع ويذهب رونقه، كذلك هذه الدنيا بما فيها من الأبنية الفاخرة والسيارات الفخمة والمجوهرات النفيسة والقصور العالية مآلها الخراب. فلا ينبغي أن نغتر بدنيا زائلة. أخي المسلم إنّ الدنيا ساعة فاجعلها طاعة والنفس طماعة عوّدها القناعة، واشتر خير البضاعة واقتد دومًا برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام. وقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام :"ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها" رواه البيهقي. اللهم اجعلنا من السائرين على درب التقوى، واجعلنا من التائبين الراشدين، واعف عنا فإنك عفوّ تحب العفو يا أرحم الراحمين. لا تحرموني من ردودكم | |
|