من أمرض القلب : الحسد .

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم .
من أمراض القلب
الحسد

إعلم أن الحسد من نتائج الحقد الذى هو من نتائج الغضب ،
فهو فرع الغضب والغضب أصل أصله ،
وقد ورد ذم الحسد فى آياتٍ وأخبارٍ كثيرة .
قال الله تعالى :
(( أم يحسدون الناس على ما آتاهم من فضله)) . النساء 54
وذلك فى معرض الإنكار .
وقال الله تعالى :
(( ومن شر حاسدٍ إذا حسد )) . الفلق 5 .
وعنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال :
(( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا )) .
الحديث مشهور وهو فى مسلمٍ وغيره .
وقال صلى الله عليه وسلم :
(( دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء :
والبغضاء هى الحالقة ولا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين )) .
( رواه الإمام أحمد والترمذى عن الزبير بن العوام ولفظه (( دب إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء ، وهى الحالقة ، حالقة الدين لا حالقة الشعر .....) .
والحاسد عدوٌ لا يرضى إلاَّ بزوال النعمة وإذا أراد الله أن يسلط على عبدٍ عدواً لا يرحمه سلَّط عليه حاسداً ،
وقيل الحسود لا يسود ،
وقيل : الحسود مغتاظٌ على من لا ذنب له .
فى حقيقة الحسد وأسبابه

والحسد هو :
كراهة حصول النعمة لغيرك ومحبة زوالها عنه .
وله أسباب منها :
أن يكون عدواً له أو مبغوضاً له
ومنها :
أن يكون قبول الناس عليه أكثر ومحبتهم له أقوى ,
ومنها :
أن يكون موصوفاً عند الناس بزيادة فى العلم والفضل فيحسده على ذلك .
ومنها :
كثرة المال والجاه ، إلى غير ذلك من الأسباب .
وأكثر ما يكون الحسد بين الأقران والأمثال والإخوة وبنى العم والأقارب .
وإنما يكون غالباً بين أقوامٍ تجمعهم روابط يجتمعون بسببها ،
فى مجالس المخاطبات ويتوارون فى الأغراض .
فإذا خالف واحد صاحبه فى غرض من أغراضه ،
نفر طبعه عنه وأبغضه وثبت الحقد فى قلبه .
فعند ذلك يريد أن يستحقره ويتكبر عليه ،
ويكره تمكنه من النعمة التى توصله إلى أغراضه ،
فلا تحاسد بين شخصن فى بلدين لا رابطة بينهما تجمعهما ،
ولا تحاسد أيضاً بين شخصين لا إتحاد بينهما ،
فلا يحسد العطار النجار ، ولا الفلاح البزار ،
ولا العالم العابد ، ولا الأمير القاضى . ولا عكسه .
فى علاج الحسد

وعلاج الحسد يكون بكف جوارحك من أن تعمل بمقتضى ما فى قلبك من الحسد . حتى لا يظهر على جوارحك شىء مما يؤلم المحسود .
وهذا بعد أن تسعى فى محوه ،من قلبك بكل ما يمكنك من الأسباب ،
بحيث يحصل عندك كراهة من جهة العقل لزوال نعمته ،
فى مقابل الميل الطبيعى إلى زوالها ،
فإذا فعلت ذلك ، فقد أديت ما يجب عليك ،
وقال قوم : لا يأثم بها فى القلب ما لم يظهر الحسد على جوارحه .
وهذا ضعيف ، فإن الحسد أمر قائم بالقلب ،
وإنما يظهر أثره على الجوارح ،
وقد ورد ذم الحسد والنهى عنه وذلك مصروفٌ إلى المعنى القائم بالقلب
وهو مساءة الغير ، وكل محنة ساءت المسلم فهى حسد .
واعلم ان الحسد ينشأ عن أمورٍ منها :
الكبر ، والعجب ، والرياسة ، وحب المنزلة ، والعداوة ، والبغضاء .
فائدة

الحسد القائم بالقلب ذنب بين الله تعالى وبين الحاسد ،
لا تتوقف صحة التوبة منه على تحليل المحسود وإبرائه منه ،
بخلاف آثار الحسد فإنها أذية للمحسود فلا تصح التوبة عنها
إلاَّ بالخروج عن عهدتها ،
لأنها لضرر ليس بمجرد الحسد ، وإنما هو بتعاطى آثاره .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم .
من كتاب :
حياة القلوب فى كيفية الوصول إلى المحبوب .
تأليف : العارف بالله تعالى :
عماد الدين الأموى الإسنوى
لا تحرموني من ردودكم

» مفسدات القلب الخمسه
» اشياء تميت القلب..
» تأثير الاستماع لصوت القرآن على القلب